نملة واثقة وجرادة يائسة
يحكى أن جرادة كانت تحيا في كنف الكسل والراحة إلى أبعد حد،
تقضي وقتها في الاستمتاع بهواء الصيف العليل ودفء شمسه الساطعة،
تأكل وقتما تريد بلا حساب، وتنام وقتما تشاء بلا ضابط، كل ما يشغل بالها الترفيه، ولا شيء غير الترفيه
وبينما كانت مستلقية كعادتها تعرض نفسها لأشعة الشمس،
إذا بنملة تمر أمامها حاملة فوق ظهرها كسرة خبز تقطع بها المسافات الطويلة،
فتعجبت الجرادة من ذلك واستوقفت النملة، وسألتها في استنكار
(ماذا تفعلين؟!)
أجابتها النملة بجدية شديدة وهي تتابع سيرها
(إنني أجمع الطعام للشتاء في ذلك الجو الصحو في الصيف،
فعندما يحل الشتاء يا صديقتي فلن يكون هناك مجال للخروج وسط البرد الشديد والمطر المنهمر،
وحينها أبدأ في بيات شتوي وآكل من مخزون الطعام هذا)
تعالت ضحكات الجرادة، وقالت بتهكم وسخرية
(يا صديقتي، ليس هناك وقت في الحياة لنضيعه في إنجاز تلك الأعمال المملة،
فقط هناك وقت للاستمتاع والترفيه)
وتمر الأيام، وينقضي فصل الصيف، ويأتي الشتاء ببرده القارص،
ومطره المنهمر، ويصبح الخروج في ذلك الطقس أمرًا مستحيلًا على الجرادة،
ولكن الجوع بدأ يشتد عليها، وليس لها من طعام تأكله فقررت أن تواجه الطقس العاتي،
وتخرج بحثًا عن الطعام، ولكنها فوجئت بأن الأرض اكتست بالثلوج،
فلم تجد شيئًا للأسف تسد به جوعها
ومرت الأيام تلو الأيام والجرادة تلتمس الطعام ولكن دون جدوى،
فبدأ الضعف يدب في أوصالها رويدًا رويدًا،
وكان مشهد النملة النشيطة الفعالة التي تحمل الطعام على ظهرها في حر الصيف لا يفارق مخيلتها،
فتعض أصابع الندم والغيظ، حتى انتهى بها المطاف جثة هامدة لا حراك فيها من شدة الجوع